ذكريات تلميذة البنا مع الأخوات الأوائل

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ذكريات تلميذة البنا مع الأخوات الأوائل

[16-12-2004]

مقدمة

السيدة "فاطمة عبد الهادي" زوجة الشهيد "يوسف هواش"

- هذه ذكرياتي مع الأخوات واعتقالنا بالسجن الحربي وزواجي من هواش

- هكذا عاونت الإمام الشهيد في لقاء أمين الحسيني وهو ممنوع من الحركة

- "أم صلاح" قادت العمل النسائي الإخواني برغم أميتها وفقرها وتعذيبها!!

واحدة من ست أخوات كان الإمام الشهيد حسن البنا يقوم على تربيتهن بنفسه، وواحدة ممن تقلدن وسام التضحية والفداء على طريق الدعوة، بدءًا من التحقيقات المتوالية والاعتقال في السجن الحربي والقناطر في العهد الناصري وانتهاءً باستشهاد زوجها محمد يوسف هواش في الأحكام الجائرة التي صدرت بإعدامه هو والأستاذ سيد قطب والشيخ عبد الفتاح إسماعيل في سبتمبر 1967م، فضلاً عن حياة المراقبة والمطاردة التي عانت منها سنين طوال.

إنها فاطمة عبد الهادي التي كانت من المعدودات في قسم الأخوات ب جماعة الإخوان المسلمين، ممن تميزن بالبذل والعطاء وحمل الدعوة في الميادين والأصعدة كافة كجمع تبرعات للمعتقلين وأسرهم والمشاركة في لجنة الزيارات بقسم الأخوات ومجلس إدارة القسم فضلاً عن إشرافها على مدرسة التربية الإسلامية للفتيات، وساعدها على ذلك عملها كمدرسة ثم ناظرة مدرسة الذي حرمت منه بعد ذلك كنوع من العقاب، وتم خفض درجتها من ناظرة إلى مُدرِّسة، ثم نقلت بين العديد من المحافظات، وأخيرًا عُينت بإصلاحية الأحداث للفتيان.

وهكذا، عاشت الحاجة فاطمة عبد الهادي أصعب المواقف والمحن التي مرت بها دعوة الإخوان المسلمين، ومن ثم نستنشق معها في الحوار التالي بعضًا من شذى ذكرياتها حول دور الأخوات في هذه المرحلة.


الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين

أنا من التل الكبير، وكان لي أخ يُدعى سيد أبو النور التحق بمدرسة ثانوية داخلية بشبرا، ثم كلية الهندسة، ولكن مشكلة السكن وعدم الاستقرار كان سببًا في فصله من الكلية، وفي نفس الوقت أتاني خطاب من أبي حيث أعمل في السويس يخبرني فيه أنه تقدم بطلب للملك أثناء علاجه من جرحه أصابه في مستشفى التل الكبير لقبول أخي في الجامعة بنصف المصروفات، وبالفعل تقدم أخي لكلية الفنون قسم عمارة، وكنت قد نُقلت للإسماعيلية فنقلت نفسي إلى القاهرة حتى أكون إلى جواره وأقوم على رعايته، وعينت بإحدى مدارس حلمية الزيتون، وأقمنا باب الخلق وفي ذات مرة كنت أستقل المترو في طريقي للعمل عندما قابلتني الأخت فاطمة البدري ودعتني إلى درس عام للأخوات بالناصرية وأعطتني ورقة فيها العنوان وعندما عدت أخبرت أخي الأصغر سيد بما حدث فأشرق وجهه للغاية، وألحَّ عليَّ في الذهاب فقد التحق ب الإخوان من قبلي دون أن أدري، وعندما ذهبتُ وجدت مكان الدرس عبارة عن تند قديمة ومقاعد عفا عليها الزمن وتأن تحت الجالسات عليها، ووقتها قارنت بين تلك الجلسة وجلستي في السينما أستمتع بمشاهدة الفيلم وفي إحدى يدي السندويتش وفي الأخرى المياه الغازية فرأيت صدري قد انشرح وشعرت بطمأنينة كبيرة، ومن يومها أشعر كم كنت ميتة وبعثت من جديد فكنت كلما حفظت دعاءً رحت أردده طوال طريقي للعمل أو البيت والفرحة تغمرني، وعندما سألني أخي بعد أول مرة عن رأيي في الأخوات أخبرته بسعادتي مع تحفظي على بعض الأخطاء فأجابني: "هذه الدعوة ملك الجميع وليس فردًا بعينه فإذا رأيت خطًا صححيه".


نشأة قسم الأخوات

  • منذ نشأة قسم الأخوات وبعد سفر الحاجة لبيبة أحمد تولى الإخوة التربية والإدارة في القسم نرجو أن تحدثينا عن هذه الفترة؟
لقد تولى الأستاذ محمود الجوهري مسئولية القسم منذ عام 1942م ومعه الحاجة أمينة زوجه والشيخ عبد اللطيف الشعشاعي وزوجه والأخ محمود سعيد وأخته، وربما يعود ذلك إلى أن الأخوات لم يؤهلن بعد للمستوى الإداري المطلوب، وإن كان منهن مجاهدات ضربن أروع الأمثلة في العمل الدعوي والثبات وقت المحن أذكر منهن الحاجة فاطمة عبد الباري "أم صلاح" وهي أمية وتقطن حي الجيارة بمصر القديمة، وبالرغم من ذلك لم تكلف بشيء إلا أتمته على أكمل وجه، وأثناء اختفاء زوجي بعد أحداث 1954م كان هناك "مخبر" يقف على باب بيتي دائمًا، ويصاحبني في ذهابي وإيابي فأرسلت لي ابنتها شكرية تدعوني لزيارتها ودخلت فوجدت زوجي لديها، ولا أنسى عندما كنا معًا في سجن القناطر أثناء محنة 1965م، وقد نادوا على اسمي ليذهبوا بي للسجن الحربي، ولكن بعد أن خرجت إليهم قالوا نريد فاطمة عبد الباري، وبالفعل رحلوها إلى السجن الحربي وعلقوا ولدها أمامها حتى كاد يلفظ أنفاسه الأخيرة من أثر التعذيب وهددوها- بالرغم من كبر سنها- بأن يعذبوها هي أيضًا لتعترف على الإخوان فلم تتلفظ بحرف.


البرامج التربوية

  • ماذا عن البرامج التربوية للأخوات؟
كنا نأخذ الدرس يوم الجمعة قبل الصلاة في مستوصف الإخوان من الإمام الشهيد أو الأستاذ الجوهري، وبعده تُعطينا الحاجة زبيدة- التي كانت تعمل حكيمة بالمستوصف- درسًا في التمريض، وبعد الصلاة نذهب لمنزل الأستاذ الجوهري حيث ندرس القرآن والفقه على يد الشيخ سيد سابق والشيخ الشعشاعي، ولن أنسى ذات مرة عندما بدأ التضييق على الإخوان فسألت الإمام أثناء حلقتنا التربوية عن ذلك فقال لي "وماذا سيفعلون؟! يعتقلونا؟! يقتلونا؟! يغلقوا الشُّعَب؟! يمزقوا المصاحف؟! فليفعلوا.. لكنهم أبدًا لن ينزعوا هذا الكتاب من صدورنا"..!!
وبعد هذا الحديث وبالرغم من علاقتي بالقرآن ومداومتي على وردي اليومي بفضل الله حتى بلغت الخامسة والثمانين من عمري لم أفهم ماذا يعني الإمام إلا عندما قرأت آيةً في كتاب الله تقول ﴿لن يضروكم إلا أذى﴾ (آل عمران:111)، وكان الإمام يهتم كثيرًا بطالبات الجامعة ويوصينا بالاهتمام بهن، وذات مرة قالت لي طالبة شيوعية إنها تريد لقاء الإمام لتسأله عن زينب الوكيل- زوج النحاس باشا- وكيف أنها تسرق تموين البلد والإخوان لا يتحدثون في هذا الأمر..!! وبالفعل جاءت وحضرت درس الإمام يوم الجمعة وسألته بنفسها.
كان للأخوات نشاطٌ متسعٌ، خاصةً في مجالات التعليم والدعوة والنشاط الاجتماعي؛ فقد انتدبني العشماوي باشا من وزارة التربية والتعليم لأكون مسئولةَ مدرسة التربية الإسلامية للفتيات بالمِنيا والمشغل التابع لها، وقسم الأخوات هناك- وبحمد الله- كان لنا نشاط واضح ومؤثر حتى بين الطبقات الراقية، فكانت الأخت آمال العشماوي تُحضِر أسر البشاوات ليحيكوا ملابسهم لدينا في المشغل، ونقيم حفلات في نادي الجزيرة ومعارض خيرية سنوية تشمل المشغولات اليدوية والملابس ومستحضرات التجميل والمخللات وغيرها، وكانت تلقَى إقبالاً كبيرًا بفضل الله.


الأخوات والمحن

  • في وقت المحن والخطر الأمني تتوقف كثيرٌ من الأعمال الدعوية التي يقوم بها الرجال- فضلاً عن النساء- فكيف واجَه قسمُ الأخوات محنة 1948م.. من حل للجماعة.. واعتقال لأعضائها.. وحظر نشاطاتها؟!
بفضل الله دعوة الله لا يوقفها شيء، يستوي في ذلك كل العاملين رجالاً ونساءً، فرغم الأحداث المؤسفة التي ذُكرت لم يتوقف العمل وإن ابتعد عن مجال العمل العام واجتماعات الأسر وبقي بصورة فردية دون تجمعات، بحيث تُكلَّف الأخت بالعمل المنوط بها بصورة فردية وعن طريق الاتصالات الشخصية، وهناك أخوات قُمن بأعمال تدل على الشجاعة والثبات، كالأخت زهرة السنانيري، التي أجَّرت غرفةً إلى جوار سجن مصر ، وأقامت بها تعد الملابس والطعام للإخوة المسجونين فيما عُرف في ذلك الوقت بقضايا الأوكار والسيارة الجيب، فضلاً عن الاعتقالات، كما قامت أخت من أخوات السيدة زينب بإفراغ غرفتين في منزلها، وراح بعض الإخوة يطوفون بعربات يدوية يجمعون تبرعات عينية يخزنونها في منزل هذه الأخت ويوزعونها على أُسَر المعتقلين من الإخوان.


ذكريات مع الإمام

  • كان لك ذكريات خاصة مع الإمام الشهيد تدل على تقديره لدور الأخوات واستعانته بهن في أحرج المواقف وأخطر اللحظات..!!
في يومٍ جاءني أخي وقال لي: "ستقضين الليلة في بيت المرشد"، فذهبت دون أن أسأل عن السبب، وعندما دخلت استقبلتني ابنتُه وفاء برقَّتها المعهودة، وعند الفجر أيقظنا الإمام وأمَّنا في صلاة الفجر وأمرني بالاستعداد للخروج معه، وكان في هذه الأثناء محددَّ الإقامة.. أي لا يُسمح له بالخروج من منزله، وبالفعل استقلينا سيارةً أجرة، وذهبنا إلى منزل الأستاذ محمود الجوهري لأجد كل الأسطح على طول الشارع الذي يقطنه الأستاذ الجوهري يعسكر عليها شباب الإخوان نائمين على بطونهم حتى لا يلحظهم أحد..!!
ودخلنا المنزل لأجد الشيخ أمين الحسيني- مفتي فلسطين- في انتظار فضيلة المرشد، وعندها أدركت أن الإمام الشهيد أراد أن يخرج برغم تحديد إقامته وإذا خرج وحده أو مع إحدى بناته سيتعرَّفون على شخصه.. أما عندما أخرج معه فسيعتقدون أننا بعض زواره.
  • يوم استشهاد المرشد يوم لا تنساه الحاجة فاطمة عبد الهادي؛ لأنها شاركت فيه بنفسها.. فكيف كان ذلك؟!
يوم استشهاد الإمام جاء زوج أختي عبد الفتاح عبد اللطيف مكاوي يحمل الخبر، فطلبت منه أن يأخذني لبيت المرشد، ورُحت أبكي طوال الطريق وأنا لا أتصور الحياة بعد أن فارقها هو، وعندما وصلْتُ وجدتُ البوليس يطوِّق المنزل ويمنع دخول أحد، فصرخْت فيهم حتى ظنوني قريبته، واستطعت الدخول لأجد وفاء نائمةً تنتحب وتُردد: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ﴾ (الأنعام:112) أما والده الشيخ فقد أحضرَ الماء الساخن وراح يغسله تساعده فاطمة أخت الإمام الشهيد، وبعدها وضعوه في نعشه وحملتُه أنا وفاطمة ووالده حتى أخرجناه من المنزل وتسلَّمه الجنود.


  • المصدر: إخوان اون لاين


للمزيد عن الإخوان المسلمون والمرأة

من أعلام الأخوات المسلمات

.

.

أقرأ-أيضًا.png

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

متعلقات أخرى

وصلات فيديو

.